إلى الأوصاف فنقول: هذا جمال وديع وهذا وحشي وهذا ما لست أدري.
إن لغات الأرض تعجز عن التعبير عن مشاعر النفوس، فكيف نريد منها أن تعبّر عن عالَم «ما وراء المادة»، عن «عالم الغيب»؟
عفوكم يا أيها القرّاء، لقد ذهبت مع خواطري وابتعدت. لقد ابتعدت كثيراً عن موضوعي.
* * *
سألني الإخوان عن «عنبر» هذا الذي سُمّيت باسمه هذه المدرسة العظيمة، التي كانت وحدها فصلاً كاملاً من تاريخ الشام الحديث. ما عنبر هذا؟ فضحكت، لأن عنبر لم يكُن عبقرياً ولا عظيماً، بل هو اسم الرجل الذي بنى هذه الدار. وهكذا ترون أن الشهرة وبقاء الاسم ليسا دليل عظمة الرجال.
في جدّة حيّ من أفخم أحيائها الجديدة اسمه «حي عُنَيكش»، فاسألوا مَن عُنيكش الذي كرّمناه فسمّينا باسمه حياً كاملاً، والناس إن كرّموا عظيماً سمّوا به شارعاً واحداً؟ وباب إبراهيم من أشهر أبواب الحرم، ما سُمّي باسم سيدنا إبراهيم الخليل (كما ظن من أطلق اسمه على الشارع) بل باسم خيّاط كانت دكانه عند هذا الباب! وأميركا، ما سُمّيت باسم كريستوفر كولومبس الذي اكتشفها بل باسم بحّار اسمه أميركو فيسبوتشي، كان من أوائل من أبحر إليها بعد اكتشافها بخمس عشرة سنة!