نساء النبك متحجّبات الحجاب الكامل، لكنهن يكشفن الوجوه والأيدي على عادة الفلاّحين عامّة في ديار الشام وعادة البدو في ضواحيها وفي باديتها. فجاءتني مرّة امرأة شابّة حسناء حديثة عهد بالزواج تطلب الطلاق من زوجها. ونظرت فإذا هو شابّ جميل الصورة مكتمل الشباب لا يُشتكى منه شيء، فسألتها عن سبب طلبها الطلاق فلم تأتِ بسبب واضح، فشممت منه ريحاً مؤذية، وكان جزّاراً جاء المحكمة بثياب العمل. فأجّلت الدعوى وصرفت المرأة، واستبقيت الرجل واستدنيتُه ونصحتُه بأن يذهب إلى داره فيغتسل ويبدّل ثيابه ثم يقصد حلاّقاً يأخذ من شعره، ففعل فعاد شخصاً جديداً، فلما جاءا من الغد للنظر في الدعوى سألتها: ماذا تقولين؟ قالت: لقد أسقطت الدعوى.
وليس هذا العمل من اختراعي أنا ولكنه تقليد للرجل العظيم الذي سمّاه الرسول عليه الصلاة والسلام «عبقرياً»، وهو عمر بن الخطاب في قصّة مماثلة لهذه القصّة ترونها في كتب التاريخ وفي كتابي «أخبار عمر».
وكان في النبك (كما هي الحال في أكثر الضواحي والمناطق البعيدة عن العاصمة) أُسَر لها وجاهة تتنازع فيما بينها عليها، كان في النبك أسرة آل النفوري وآل طيفور، وكانت الأيام تمشي مع آل النفوري ثم تبدّلَت فمالت مع آل طيفور، ثم عادت الرياح إلى سفينة النفوريين لمّا ظهر منهم ضابط كبير في الجيش، ولعلّ أخانا