للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكرت: ما الذي يمكن أن يصنعوه معي؟ أمّا المنصب فلا والله ما باليته، ولقد عشت من عمري دهراً قبل أن أصل إليه وسأعيش إن امتدّ بي الأجل بعد أن أخرج منه (١)، ليست حياتي متوقّفة عليه ولا مربوطة به. وليس لي مال ولا عقار أخاف أن يسلبوه مني، وليس لي جاه أحرص عليه من طريق الوظيفة، إذا كان لي شيء من الجاه فإنما جاءني بلا طلب مني، عن طريق قلمي وعن طريق لساني وعن طريق مواقفي، فلا يؤثّر فيه كوني موظفاً أو كوني بعيداً عن الوظيفة.

فقررت أمراً واعتزمتُه، ما أظنّ أن أحداً سبقني إليه؛ هو أن أسدّ بابي وأشدّد حجابي في وجه المسلّمين عليّ من هؤلاء الوجهاء والزعماء من أصحاب المطامع، ففعلت ذلك فلم ألقَ واحداً منهم، وكتبت على بابي: "إن المحكمة للمعاملات لا للمجاملات، فمن جاء يسلّم عليّ فأنا أشكره وأرجو ألاّ يعود، ومن جاء لمعاملة قانونية له في المحكمة فأهلاً به وسهلاً".

وعلّقت إعلاناً على باب المحكمة بالخطّ الكبير كتبت فيه:

(١) لا تُقبَل المراجعات والمعاملات إلاّ من صاحب العلاقة أو وكيله القانوني.

(٢) لا تُقبل المراجعات من الأئمة والمختارين (المختار هو العمدة) وملاحقي الأوراق إلاّ إن كانت لهم شخصياً أو كان بأيديهم وكالة قانونية.


(١) تركت القضاء (أو تركني هو) سنة ١٩٦٦، وها أنذا الآن في آخر سنة ١٩٨٥ وأنا أحسن حالاً وأكثر بحمد الله مالاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>