للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لست أدري لماذا يحاول بعض الناس أن يصغّروا أنفسهم، كأنهم يخادعونها على طريقة المتنبّي الذي قال:

تصفو الحياةُ لجاهلٍ أو غافلٍ ... عمّا مضى منها وما يُتوقّعُ

ولِمَنْ يُخادعُ في الحقائقِ نفسَهُ ... ويَسومُها طلبَ المُحالِ فتقنَعُ

* * *

وحادثة أخرى طريفة، هي أن امرأة قروية جاءت تدّعي الطلاق على زوجها. فأنكر، فكلّفتها أن تحدّد زمان الطلاق ومكانه وشهوده، فقالت: كان الطلاق في بيت زوجي. فسألتُه: هل كان الطلاق في بيتك؟ قالت: بل في بيت زوجي الثاني.

يقولون: "وكان متكئاً فاستوى جالساً"، فتنبّهت وصارت جوارحي كلها آذاناً تسمع، وقلت لها: هل لك زوج آخر؟ فقالت (وهي آمنة مطمئنّة، تتكلم بصوت عادي كأنني سألتها: ما هذا اليوم؟ فقالت: هو يوم الأحد أو الإثنين ... لا ترى في جوابها بأساً): نعم يا سيدي لي زوجان. قلت: هذا واحد وأين الثاني؟ قالت: هنا بين الحاضرين. فقلت لزوجها المدّعى عليه: ماذا تقول؟ قال: نعم لها زوج آخر. قلت: أعوذ بالله، هل طلّقتها؟ قال: لا. قلت: من زوّجَ الآخر بها وهي على ذِمّتك؟ قال: يا سيدي إمام الضيعة (١). قلت: أين هو الإمام؟

فقام من بين الحاضرين شيخ قروي بلحية طويلة فقال: أنا.


(١) «الضَّيْعة» هي القرية في عامية سوريا ولبنان، وأصلها في اللغة: العقار أو الأرض التي تُنتج خيراً (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>