للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتقام الدعاوى في المحكمة الشرعية لتثبيت النسب والدعاوى في المحكمة الصلحية لتواريخ الولادة وتصحيح الأسماء.

وكان عفوٌ، فجاءتني مرّة امرأة أقام عليها ولدها المكتوم دعوى صورية لإثبات نسبه ليسجّل في سجلّ النفوس، فسألتُه عن اسمه وعن ولادته، فذكر بأن عمره ثلاثون سنة، فسألت أمه المُدّعى عليها عن اسمها وعمرها، فذكرَت اسمها وقالت إن عمرها خمسٌ وثلاثون سنة. فضحكتُ وقلت: يا امرأة، ولدك يقول إن عمره ثلاثون سنة، فهل ولدتِه وأنت بنت خمس سنوات؟ فقالت متضجّرة: والله ما أدري يا سيدي القاضي، اكتبها أربعين. قلت: يا امرأة، بنت عشر سنين لا يمكن أن تلد. قالت: ما هي السن التي أستطيع أن ألد فيها؟ قلت: خمس عشرة سنة على الأقلّ. قالت: طيّب، اكتب أن عمري خمس وأربعون سنة.

وصلنا إلى ذلك بعد مفاوضات بيني وبينها كالمفاوضات على تقسيم برلين بعد الحرب الأولى وعلى المفاوضات الآن لنزع السلاح بين أميركا وروسيا، وقبلت بعد لأي ومشقّة أن يكون عمرها ٤٥ سنة، وهي -كما يبدو- لا تقلّ في عمرها عن ستّين سنة! ولكنها خلّة تكاد تكون عامّة في النساء. ومن الرجال مَن يكره أن يخبر بعمره الحقيقي مع أنه «إنما يأسى على العمرِ النساء». حتّى إنني لقيت في دوما رئيس دائرة من الدوائر كان رفيقي في المدرسة سنة ١٩١٩، فبعد أن انصرف الناس ذُكرت الأعمار (وذلك سنة ١٩٤٢) فقال بأن عمره خمس وعشرون سنة. فقلت: ولك يا أخي ما تستحي؟ أما كنّا رفاقاً في الصف الخامس الابتدائي سنة ١٩١٩؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>