للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هما: سجلّ النفوس (سجلّ الأحوال المدنية)، والثاني: السجل العقاري. أما الأحوال المدنية فقد كانت سوريا سابقة البلاد العربية إليه بفضل الله، ثم بفضل الفرنسيين. وأنا ما أحببت الفرنسيين يوماً من أيام استعمارهم لبلادنا، ولكن هذا لا يمنعني أن أذكر الفضل لذويه، والله علّمنا أن لا يجرمنّا شَنآن قوم على أن لا نعدل، أي أننا إذا أبغضنا قوماً ورأينا لهم منقبة فلنذكرها ولا يمنعنا كرهنا إياهم من ذكر مناقبهم.

لكل فرد من أفراد أهل سورية (رجالاً ونساء) صفحة في سجل النفوس، فيها تاريخ مولده بالساعة والدقيقة، وتاريخ زواجه إذا تزوّج وطلاقه إذا طلّق، وأسماء زوجاته إذا تزوّج، وأعمار أولاده إذا وُلد له أولاد، فإن مات منهم ناس سجّلوا موتهم ... وهذا ما ليس له مثيل، ففي مصر لا تزال تُسجّل الأحوال المدنية في دائرة الصحّة.

أمّا السجلّ العقاري فقد عمد الفرنسيون إلى رسم خرائط مفصّلة لدمشق والبلاد السورية كلها، فيها حدود كلّ بيت وكلّ غرفة من هذا البيت، طولها وعرضها وسُمْك جدرانها. وإذا كانت عمارة كبيرة سُجّلت الحقوق لأصحابها فيها، فما كان مشترَكاً كالسلالم والممرات سُجّل مشترَكاً ووُضعت له قواعد عند الاختلاف على إصلاح ما فسد منه، ومن كانت له دار مستقلّة، ووضعت لذلك خرائط مفصلة محفوظة ولها صور فإذا فقدت أُعيدَت صورتها.

وكانوا بين كلّ مدة وأخرى يعلنون عفواً على المكتومين، أي عن السوريين الذين لم يسجّلوا أنفسهم في سجلاّت النفوس،

<<  <  ج: ص:  >  >>