للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا وضعت يدك على زر الإيمان في قلبه فإنه يشتعل نوراً كما يشتعل مصباح الغرفة إذا مسست بإصبعك مفتاح الكهرباء.

* * *

كثُرَت عليّ ألسنة المنتقدين من الوجهاء ومن المتزعّمين، وكان جمهور الناس يدعون لي ولا يملكون عني دفاعاً ولا يملكون لي نفعاً، ولكن الله الذي أمر بأن ندافع عن المظلوم هو القادر على حمايتي {إنّ الله يُدافعُ عن الذينَ آمنوا}. فأمضيت سنين طوالاً في دوما وأنا على هذه الوتيرة، ما لقيت يوماً من أحد سوءاً، والذين تحاملوا عليّ ونظروا النظرة السوداء إليّ عادوا فأثنوا عليّ لما رأوا بأنني لا مصلحة لي عند أحد، ولا أبتغي لنفسي نفعاً ولا أدفع عنها ضراً، ووفّق الله وخرجت من دوما ولا يزال ذكري فيها بحمد الله عَطِراً طيّباً.

ولا تلوموني إذا قلت ذلك عن نفسي، فإنما أقوله تشجيعاً لغيري في أن يسلك هذا المسلك مثلي.

* * *

وقعت لي حوادث طريفة في القضاء أعرض لبعضها:

من حسنات الفرنسيين في الشام التي حكموها خمساً وعشرين سنة كاملة، لا تزيد يوماً ولا تنقص يوماً (١) أنهم أنشؤوا فيها سجلّين عظيمَين لا تزال أكثر الدول العربية خالية منهما، بل إن السِجِلّ العقاري لا تزال بعض دول أوربّا بعيدة عن تطبيقه لم تعرفه.


(١) وإن تأخّر الجلاء الفعلي عن الاستقلال المعلَن.

<<  <  ج: ص:  >  >>