للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبلغني أنه ذهب إليه فردّه رداً سدّ عليه طريق الرجوع إلى مثل ما صنع.

والعدوّ الرابع الذي كسبته في أيامي الأولى في دوما أحد أتباع الأمير فواز الشعلان، كان يتكلّم باسمه، يراجع الدوائر ويقابل رؤساءها، يدافع عن قضايا جماعة الأمير من عشيرة الرّوَلة. دخل عليّ في دعوى أُقيمَت عليه فكلّفت المدّعي أن يأتي بالشهود، فلم يجرؤ أحد على الشهادة عليه.

وقد خبّروني بعد الجلسة أنهم يخشون الإدلاء بها خوفاً على أنفسهم، فسألتهم: هل سبق أن شهد عليه أحد فقتله أو آذاه؟ قالوا: لا. فلما كان يوم المحاكمة تصوّرت عظمة الله وعظيم جزائه لمن يجترئ عليه وكبير ثوابه لمن يدافع عن الحقّ الذي أمر به، وتوجّهت إلى هذا الرجل (ونسيت اسمه) فحذرتُه عذاب الله ونبّهت في نفسه إيمانه، وقلت له كلاماً لا أستطيع أن أعيده الآن، لأنني لم أكن أنا الذي يتكلّم به بل كان يتكلّم به يومئذ على لساني ما اعتراني من الصلة بالله والاعتماد عليه، وما زلت في هذا حتّى اغرورقَت عيناه بالدمع وقال أمام الناس (وهم لا يكادون من دهشتهم يصدّقون ما يسمعون)، قال: نعم، والله له عندي حقّ، وأنا أستغفر الله، وحقّه مضمون. فقلت له: بارك الله فيك وأعظم ثوابك ... وأثنيت عليه وبيّنت له عظم ما جاء به عند الناس وعند الله.

وكذلك يغلب الحقّ إذا عرفت كيف تدلّ عليه وتنبّه إليه وتوقظ الإيمان في نفس المؤمن، حتّى مَن كان مجاهراً بالمعاصي

<<  <  ج: ص:  >  >>