للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشايخ، ولم يكن مستعداً لاستقبالهم وقد جاؤوه على غير موعد فقال للولد: قُل لهم ليس هنا. فقالوا له: كيف تقول أنه ليس هنا وقد رأيناه يُطِلّ علينا؟ فتلعثم الغلام ولم يدرِ بماذا يجيب، فبرز لهم بوجهه وقال لهم: خلوا عندكم شيئاً من الذوق، جئتم على غير موعد والله يقول: {فإنْ قيلَ لكمُ ارْجِعوا فارجِعوا}، وكلمة ليس هنا معناها أن صاحب البيت يريد أن ترجعوا. فشتموه مازحين وانصرفوا.

ولعلكم تنبهتم إلى أنني دعوته زاهد الأفندي، ولقب «أفندي» مرّت عليه أدوار، فكان في الأصل لقباً لابن السلطان (يقابل لقب «البرنس» عند الإفرنج)، فإذا لُقّب به الشيخ دلّ على أنه ولي القضاء أو الإفتاء، لذلك كانوا يسمّون المفتي والقاضي: قاضي أفندي ومفتي أفندي. ثم هبطَت قيمة «الأفندي» حتّى صارت تُطلَق على كل واحد من الناس. ولمّا كنّا ندرس في مصر أيام الملك فؤاد كانت الألقاب تُمنَح من الملك وكان لها نظام وقانون، فكان الأفندي إذا أخذ لقب «بك» لُصق باسمه ودُعي بصاحب العزّة، وهي مترجَمة عن الاصطلاح العثماني «عزتلو أفندي»، فإن ارتقى صار صاحب السعادة ولُقّب بالباشا. وأُحدِثت في مصر في أواخر عهد المَلَكية ألقاب صاحب المقام الرفيع، وأظنّ أن أول من لقب به النحاس باشا (١).

* * *


(١) وكانت سوريا أول بلد عربي ألغى الألقاب كما كانت السابقة إلى إلغاء الامتيازات الأجنبية.

<<  <  ج: ص:  >  >>