للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان القضاء في الإسلام، فلما كان من شؤم الأيام علينا أن أخذنا الأسلوب الفرنسي (عن طريق الترك أولاً ومن الانتداب الفرنسي ثانياً) أخذ الناس يشكون من طول المحاكمات ومن بطء صدور الأحكام.

كان الشيخ حسن الشطي رجلاً لطيف المعشر كريم النفس مُحِباً للأنس وللسمر ولمناقلة الحديث على الشاي الأخضر، يفتح لذلك داره ويستقبل إخوانه ويبسط لهم وجهه ويده، لكن فيه مع ذلك شِدّة فيما يراه حقاً، بل لعلّه كان أدنى إلى الظاهرية. أسوق على ذلك مثالاً، أتعجّل ذكره وإن لم يأتِ موعده في ترتيب هذه الذكريات:

كان الشيخ حسن مديراً للكلّية الشرعية في دمشق، وسترون أني دعيت لأدرّس عنده الثقافة الإسلامية، فعرفته في الكلّية وفي الدار وفي المسجد معرفة أخ وصديق، بل معرفة تلميذ، فأنا بالنسبة إلى علمه وفضله في القضاء لا أجاوز أن أُعَدّ تلميذاً له. وكنت (كما سيأتي) رئيس المجلس الأعلى للكلّيات الشرعية في دمشق وحمص وحماة وحلب.

وكانت الكلّية في زقاق النقيب في وسط دمشق، بين الأموي وبين السور، وكان الطلاّب ساعة الظهيرة يزدحمون على أنبوب الماء ليشربوه فاتراً غير مبرَّد. فاتفق يوماً أن قُرع الجرس ولم يستكملوا شربهم. وكان سبيل الماء البارد (من عين الفيجة) (١)


(١) والماء في هذه السُّبُل بارد دائماً يكاد يكون مثلّجاً، وهذا شيء ما رأيته في غير الشام وما رأيته في غير ماء الفيجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>