للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما ورد وصفه في أمثال هذه الكتب.

هي دار الحلبوني، لها (كما كان للكثير من الدور الشامية) برّاني وجوّاني، أما برّانيّها فهو دار فخري البارودي، الدار الواسعة المشرقة الضاحكة بالرخام وبالورد وبارع النبات، الدار التي طالما أقيمَت فيها الحفلات الوطنية وأُلقيَت فيها الخُطَب وخرجَت منها المظاهرات. والمحكمة هي القسم الجوّاني من هذه الدار.

أما دار فخري البارودي فبابها من الشابكلية، وأمّا دار المحكمة ففُتح لها باب من صدرها من شارع القَنَوات الذي يجري فيه أحد أبناء بردى (أي نهر القنوات) ضيّقاً عميقاً يمرّ أمام البيوت، تدخل منه شعبة إلى كل من هذه الدور ترقص في نوافيرها وتستلقي في بِرَكها وتسقي وردها وزهرها، حتّى إذا وصل النهر إلى آخر الحيّ لم يبقَ منه شيء.

تمتاز هذه الدار فوق سعتها وبهائها وجمالها وعِظَم أبهائها، تمتاز بشيء قلّ نظيره في غيرها، هو هذا الرخام وهذا المَرْمَر المنتشر في أرجائها. في صدر الإيوان مرآة عظيمة طولها يزيد على ثلاثة أمتار وعرضها أكثر من نصف ذلك، إطارها كلّه من ذلك الرخام، وإلى جانبَي الإيوان بَهْوان كبيران (قاعتان) (١) في وسط كل واحدة منهما بِركة صغيرة جداً (فِستقيّة) على شكل كأس مزخرَف من الرخام كله قطعة واحدة. ويقابل الإيوانَ من صدر الدار بهوٌ عظيم (قاعة كبيرة) بابها -مثل أبواب الدار كلها-


(١) القاع كلمة فصيحة. أما القاعة بهذا المعنى فهي مولَّدة، ولكنها ليست غريبة تماماً عن العربية.

<<  <  ج: ص:  >  >>