للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقول -بالمناسبة- إن أمنية كلّ شامي من القديم أن يفرغ ما حول الجامع الأموي من البيوت التي تزحمه وتلتصق بجدرانه، حتّى يبدو بعظمة بنيانه وينكشف لمن يؤمّه من المسلمين كما انكشف المسجد الحرام في مكة المكرمة (ولقد عرفته والبيوت والمدارس تزحمه ولا يبدو من جدرانه إلاّ ما يحيط بالأبواب) وكما انكشف المسجد النبوي في المدينة المنورة. ومن البشائر التي سمعت بها ولم أرَها أن المسجد الأموي قد انكشف الآن وأزيلَت البيوت التي كانت تستره وتحفّ به وتُخفي روعة بنائه وجمال مظهره. وكان ممّن فكر في ذلك جمال باشا خلال الحرب العالمية الأولى، أراد أن يكون أمام كل باب من أبواب الجامع الأموي الأربعة شارع مستقيم يمتد حتّى يخرج إلى ظاهر البلد، ومن أجل ذلك فتح أول شارع في دمشق، وكان يُسمّى باسمه ثم سُمّي شارع النصر.

كانت المحكمة الشرعية في دار قديمة، ليست من الدور الواسعة ولا الجميلة ولكنها مبنيّة بناء مرتَجَلاً، تدخل إليها من فناء مكشوف ثم تجد هذه الغرف المبنيّة على غير نظام هندسي ومن غير ذوق ظاهر. فانتقلت منها إلى إحدى الدور الشامية الكبيرة في حيّ القَنَوات.

هل قرأتم وصف قصور الخلفاء في مثل القصص التي يرويها القاضي التنوخي؟ صحن واسع يُفضي إلى صحن واسع، وفي كليهما بِركة وحول البِركة شجر وزهر وورد، والأشجار تميل بغصونها على ماء البِرَك تُقبّله بأفواهها وتلمس صفحة خدّه برشاشها؟ كانت دار المحكمة شيئاً مثل هذا، بل ربما زادت على

<<  <  ج: ص:  >  >>