للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت محكمة دوما طريقاً إلى محكمة دمشق، فكلّ من وَلِي قضاءها انتقل منها فصار قاضياً في المحكمة الكبرى في دمشق.

والمحكمة الشرعية في دمشق لها تاريخ قديم عظيم؛ كانت هي المحكمة الأصلية قبل أن تدخل علينا هذه النظم الإفرنجية في تأليف المحاكم، ويمكن أن يُكتَب عنها وعن الأدوار التي مرّت بها وعن القُضاة الذين تعاقبوا عليها وعن المنازل التي شغلتها كتابٌ كبير. ولو أن أحد طلاّب الماجستير أو طلاّب الدكتوراة أعدّ في ذلك رسالة بإشراف أستاذ له اطّلاع على خطط الشام وعلى معالمها من المشتغلين بخطط الشام وآثارها، لو أنّ أحد هؤلاء الطلاّب اختار المحاكم الشرعية موضوعاً لرسالته التي يُعِدّها لنيل شهادته، وبذل في ذلك جهده وتقصّى المراجع وسأل مَن بقي من المسنّين العارفين من أهل الشام، لجاء بمؤلَّف ربما صار مصدراً للمؤرّخين.

كانت المحكمة الشرعية -كما عرفتها أول مرّة- في زقاق ضيّق منسوب إليها مسمّى باسمها قريب من مدفن نور الدين زنكي. وأحسب أن المدرسة النُّورية التي دُفن فيها السلطان العظيم نور الدين هي دار هشام بن عبد الملك، سمعت ذلك من بعض أساتذتي ولم أوثّقه بمعرفة مصدره. وكان الخلفاء الأمويون من لَدُنْ معاوية يُقيمون في الدار الخضراء، وهي وراء جدار القِبْلة من جامع بني أميّة حيث يقوم سوق القَباقْبيّة (أي السوق الذي تُصنع فيه القباقيب)، ولم يبقَ من هذا الاسم الكبير، اسم «الخضراء» إلاّ مصبغة صغيرة جداً تكاد تكون في قبو تحت الأرض في حارة مظلمة تتفرّع عن القباقبية، تُدعى المصبغة الخضراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>