للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: يا شيخ حسن، أنت صديقي بل أنت أستاذي، وأنت تعرف أن العبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني، وأنا لا أعترض على نصّ القانون بل أعترض على هذا التطبيق الذي ذهبتَ إليه معتقداً أنه حكم القانون. هذا طالب حَسَن الخلُق جيّد التحصيل، يُرجى له مستقبل زاهر ويؤمَل أن يخرج منه عالم ينفع الله به الناس، فهل يطمئنّ ضميرك إلى حرمانه العلم وطرده من المدرسة لأنه خرج إلى الباب وشرب وهو عطشان؟ لو كان ولدك فهل توقع عليه هذه العقوبة؟

قال: نعم؛ لو كان ولدي لأوقعتها عليه، لأن القانون هو القانون وأنا لست مسؤولاً عن نتائج تطبيقه. فذهبت فاستعنت عليه بصديقه الشيخ عبد القادر العاني (رحمة الله عليه) ومن يجالسه كلّ يوم من إخوانه، فما تزحزح شعرة عمّا قرره وأمضاه.

قلت: يا سيدي أنا تلميذك، ولكني بحكم القانون الذي تعتمد عليه وتستند إليه أستطيع أن أُلغي قرارك هذا وأن أُبطله لأني رئيس مجلس العمدة وهو المرجع في شؤون الكلّيات الشرعية، وأن أعيد الطالب المطرود. فهل يرضيك أن أفعل؟ قال: نعم، يرضيني لأنه موافق للقانون. قلت: أمري إلى الله.

واتخذت قراراً أعلنته إلى جنب قراره بأنني أبطلت هذه العقوبة وألغيتها وقرّرت إعادة الطالب إلى مدرسته. فهل ترونه تألم أو تكدّر من فعلي؟ أؤكّد لكم أنه لم يكن شيء من ذلك، وأن صلتنا وما كان بيننا من الحبّ والاحترام بقي على حاله لم يتبدّل منه شيء.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>