للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دأب السنين وإحياء الليالي وثني الركب، ثم كان مصيرها إلى التراب! وينابيع عِذاب، ولكن العِطاش انصرفوا عنها وزهدوا فيها، حتّى غاضت في الأرض كما فاضت من الأرض.

مضوا وسيمضي هؤلاء الباقون، فتزودّوا منهم، ارتووا قبل أن يجفّ الينبوع فإن أمامكم بيداء قاحلة. اقتبسوا من نورهم قبل أن تنطفئ الشعلة فإن أمامكم ليلاً أَلْيَل. رحمة الله على من مضى وللأحياء طول البقاء.

* * *

ثم أبّنتُه في قاعة الجامعة السورية بتلك الخطبة التي حدّثتكم عنها. وقد وجدت هذه الورقة مقطوعة من جريدة، ولو سئلت عنها لما ذكرتها لأنني نسيتها فيما نسيت ممّا كتبت. ولو قدّر الله يوماً بعد موتي أن يأتي أخ كريم لا أعرفه، فيحقّق الأمل الذي لم أحلم يوماً بتحقيقه فيجمع كل ما كتبت، لجاء معه أكثر من خمسين مجلّداً. لا تظنوا أني أبالغ، فلقد عشت عمري كله أقرأ وأكتب، فاحسبوا كم قرأت كلّ يوم وكم كتبت.

* * *

أعود إلى حديثي. أما الشيخ عادل واغتياله: فما أقول ولا يقول أحد إننا شعب من الملائكة لا نعرف القتل ولا نعرف الفواحش، فإنها من طبيعة البشر. وكل ابن آدم خطّاء، ولو أن مجتمعاً بشرياً خلا من الجريمة لخلا أشرف وأفضل مجتمع عرفه تاريخ بني آدم، وهو مجتمع الصحابة، لكنها طبيعة البشر التي طبعهم الله عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>