للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اقتراحاً نافعاً أخذ به. فقلت له: زيوار بك، أين الحواجز التي كانت تفصل موظفيكم عن المراجعين لمّا كنتم في سراي المرجة؟ قال: في المستودع، فماذا تريد منها؟ قلت: أريد أن أركّبها في القاعة الكبرى التي كان يقعد فيها الشيخ عزيز أفندي الخاني رحمة الله عليه، وأن أجمع الموظفين فيها فيسهل على المراجعين الاتصال بهم. فهل تعطيني هذه الأخشاب؟

فسُرّ وقال: خذها بارك الله فيك، فإنني لا أعرف ما أصنعه بها. قلت: وتبعث معي من يحملها إلى المحكمة ظُهر يوم الخميس بعد انصراف الموظفين، وتبعث معها نجّاراً يركّبها في القاعة على النحو الذي أتصوّره؟ قال: نعم.

وكان يقوم على وزارة العدل سامي بك العظم الذي سبق ذكره، وهو من أصدقاء أبي وخالي محب الدين الخطيب. وكان رئيس ديوان الوزارة رشدي بك الحكيم، وهو أيضاً من جماعة محب الدين، من السابقين إلى محاربة التتريك وتنبيه العرب من غفلتهم. وكلاهما (على بعد ما بيني وبينهما في السنّ والمنزلة) كان صديقاً لي وكان يعطف عليّ ويحبني، وكل هؤلاء وأستاذنا محمد كرد علي (وهو أسنّ منهم) كلّهم من تلاميذ الشيخ طاهر الجزائري. فذهبت إليهما فخبّرتهما بما أريد أن أصنع فوافقا عليه، فقلت: إنني أريد أن أنقل كلّ ما في غرف الكُتّاب إلى هذه «القاعة» (١)، أنقل المكاتب وأنقل الخزائن والأوراق، وأخاف أن


(١) القاع أرض بين جبلين مرّ عليها السيل فخلّفها نظيفة مستوية، أما «القاعة» فلم يعرفها العرب بهذا المعنى ولكن لا ينكرونها.

<<  <  ج: ص:  >  >>