الرواسي؟ ماذا أصنع لأُحكِم المراقبة وأمنع ما كنت أُنكِره؟ وهل أستطيع وحدي أن أحارب هذه المجموعة من الناس، ومنهم من هو متمرّس بهذا العمل له معارف وأصدقاء يؤمنون بما يقوله لهم، ويأخذون الحقيقة كما صوّرها هو لا كما هي في صورتها؟ سيُشيع عني هؤلاء قالة السوء في الناس، وما يشيع (أي الشائعات) كالدخان تقذف به المدخنة، لا يستطيع أحد أن يردّه ولا التي أطلقته أن تستردّه.
وجفا النوم عيني ليالي كوامل متعاقبات، أقلّب فيها جسمي على الفراش وتتقلّب في رأسي الآراء، وأقوم متعَباً من الأرق كمن مشى عليه فيل صغير فضعضع جسده وحطّم أضلاعه! وكنت أسأل الله أن يهديني، أرجع إليه ولا يُرجَع في الشدّة إلى غيره. فهداني وله الحمد وأراني الحقّ، فسألته أن يقوّيني على تحقيقه، فجلا الله لي وجه الحقّ ورأيت أنّ مراقبة الكُتّاب والمساعدين وهم متفرّقون في هذه الغرف الكثيرة، كلٌّ في غرفة وحده لا رقيب عليه إلاّ الله، أمر يكاد يكون كالمستحيل، وفكرت في جمعهم جميعاً في مكان واحد. ولكن أين أجمعهم وكيف؟
وتذكّرت أنها لمّا كانت الوزارات كلها في قصر الحكومة في سراي المرجة كان لوزارة العدل بهو واحد يجتمع فيه موظفوها جميعاً، وأمامهم حاجز يفصلهم عن الناس، هم من ورائه والمراجعون أمامه، ولهم نوافذ صغيرة يكلّمون الناس منها يأخذون ويُعطون ما يريدون من الأوراق.
فذهبت إلى زيوار بك الجابي محاسب وزارة العدل. وكان -كما قلت لكم- كبير السنّ مستقيم السيرة صافي القلب، إذا سمع