للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جنونهم وأقبلوا يَقدُمهم (١) رئيس الديوان محتجّين معترضين، فقلت لهم: هذا ما أقرّته الوزارة، فمن شاء منكم أن ينتقل إلى محلّه الجديد فأهلاً وسهلاً، ومن أبى فليذهب إلى الوزارة فليشكُ إليها.

رأوا أنهم لا حيلة لهم ولا ينفعهم احتجاج ولا تفيدهم شكوى، فقبلوا مُكرَهين بالأمر الذي وقع.

ثم جعلت لكل معاملة من المعاملات الإدارية مُدّة معلومة تُسلَّم بعدها صور قراراتها إلى أصحابها. فمعاملة الزواج وحصر الإرث تُنجَز في يومها، فتُسلّم صورها إلى أصحابها بعد أربع وعشرين ساعة على الأكثر، ومعاملات الوصايا جعلت لها مدة مناسبة، وأعلنت للناس أنّ مَن تأخّرَت له معاملة عن هذا الأمد الذي حدّدتُه فليراجعني.

وكان من المسموح به قانوناً أن تُعقَد عقود الزواج في المنازل بطلب من أصحابها، وكانت الأجرة المقررة للكاتب (أو المأذون) لإجراء العقد هي خمس ليرات سورية فقط والسيارة تنقله إلى دار المتعاقدين وتعيده منها. وأعلنت للناس أن من دفع أكثر من ذلك يكون قد خالف القانون ويُعتبر عمله رشوة يُعاقَب فاعله عقوبة الراشي، وكنت أبعث من قِبَلي ناساً يحضرون العقد ويتشمّمون الأخبار ويعرفون كم دُفع للكاتب.

وكان أكثر الناس يُجزِلون العطاء لمن يعقد العقد في هذه


(١) يقال قَدِمَ يَقْدَمُ (على وزن عَلِمَ) إن جاء، وقَدَمَ يَقْدُم (على وزن أَكَلَ) إذا تقدّم القومَ ومشى أمامهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>