الممتاز للبيع والشراء، فوراء أرائكها المصنّفات (الملفّات الفارغة) يبيعها بضعف ثمنها في السوق والطوابع يبيعها بأكثر من قيمتها، ويعلّق ثيابه في المكان المخصّص لتعليق جبّة القاضي، أي أن هذا الفراش الصغير كان حاكماً بأمره في المحكمة! ولقد وجدت في اقتلاعه مشقّة أكثر من المشقّة التي وجدتها في نقل الموظفين جميعاً.
* * *
وضح الآن سبيل الإصلاح لأن العاملين في المحكمة تبدّلوا، جاء جماعة يستمعون كلمة الحقّ ويطيعونها ويمشون عليها.
ووقعتُ في أزمة أكبر حين منعت مختاري الأحياء (المختار هو العمدة باصطلاح مصر والسعودية) من دخول المحكمة إلاّ إذا كانت لهم قضية شخصية أو كانوا وكلاء بوكالة رسمية من أصحاب القضية، ومنعت معقّبي الأوراق. وعندنا في الشام مهنة كأنها معترَف بها وهي مهنة المعقّب، لهم مكاتب وعندهم عُمّال يسخّرونهم ويسيّرونهم إلى المحاكم. وأنا أعلم أن في هذا تسهيلاً على الناس لأن من الناس من لا يتّسع وقته ولا جهده لمتابعة المعاملات بنفسه في الدوائر، ولكن هؤلاء يأتي منهم شرّ أكبر؛ فهم يأخذون من الناس أكثر ممّا يستحقون، وربما اتفق الواحد منهم مع الموظف المنحرف على صاحب المعاملة أو مع خصمه الذي يشكوه ... وكل شيء في الدنيا يغلب ضرره على نفعه يُصار إلى منعه، فالخمر والميسر فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما