للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثوابها. وكان ذلك، فوفّرنا على القاصرين مالاً كثيراً وأبعدناهم عن الغشّ الذي كان يمكن أن يقعوا فيه.

* * *

ولو ذهبت أحصي حوادث الأيتام التي عرضت عليّ في المحكمة لطال الكلام وملّ منه القُرّاء، على أنني قد نسيت أكثرها لبُعد العهد وضاعت مني تفاصيلها، وأسأل الله ألاّ يضيع عليّ ثوابها. ولا أزكّي نفسي، ولكن أقول إنني عملت ذلك احتساباً ورجاءَ ثواب الله، ما نالني منه إلاّ خصومات وعداوات مع الذين أصابهم الضرر أو ضاعت منهم منفعة كانوا يرجونها من هذه القضايا.

وجدت قضايا الأيتام من أثقل تَبِعات القضاء، لأن الله شدّد الوعيد على آكلي أموال الأيتام وعلى مُؤكليها مَن لا يستحقّها، وبيّن أن هؤلاء لا يأكلونها وإنما يأكلون في بطونهم ناراً.

والخطر على الأيتام ليس أكثره من المحكمة ومن موظفيها ولكن من الأوصياء ومن الوسطاء، وإن كان موظفو المحكمة -إن لم يخشوا الله- عاملاً من عوامل الإفساد. والخطر فيها ليس مالياً فقط بل هو خطر أخلاقي، رأيناه في الشام كما رأيته في مصر لما أقمت فيها سنة ١٩٤٧ وطرفَي السنة التي قبلها والتي بعدها، وكان عملي فيها متصلاً بالمحكمة الشرعية وبالمجلس الحسبي.

ذلك أن المراجِعات في قضايا الأيتام هُنّ الأمهات، وهُنّ في حالات كثيرة من الصبايا الجميلات ومن اللاتي فقدن الأزواج بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>