قلبي لا بماء عيني. فيا ربّ ارحمهم وارحم كل الذين علموني، وارحم أبي لأنه كان أبي وكان معلمي، واجزهم عني خير الجزاء.
* * *
كان أساتذتنا في مكتب عنبر أصنافاً.
أما مدرّسو العربية فكانوا أئمتها في البلد وكانوا المرجع فيها: الشيخ عبد الرحمن سلام الخطيب الشاعر، والشيخ المبارك اللغوي الراوية، والشيخ سليم الجندي أستاذ اللغة والنحو والصرف والعروض. وقد سبق الكلام عن المبارك وسلام، وسأتكلم عن الجندي.
والشيخ الداودي، ولم نقرأ عليه ولكن عرفنا من تلاميذه أنه كان يشرح الدرس على طريقة العلماء الأزهريين، في لطف ظاهر وخُلُق عظيم وقلب رقيق، وكان شيخاً كبير السن مريض الجسم، يستنفد الدرس قوته فيخرج من غرفة التدريس فيستلقي على الأريكة يستريح.
وكان يأتي المدرسة على أتان (حمارة)، وكانت يومئذٍ للعلماء كالسيارة اليوم للأغنياء، فإذا دخل الباب تسابق الطلاب يعينونه على النزول عنها ويقبّلون يده ويمشون معه، وكان محبوباً ما رأيت له كارهاً. ولما تُوفّي سنة ١٩٢٦ نظم رفيقنا الشاعر أنور العطار قصيدة في رثائه ألقيتها أنا على قبره في كلمة تأبين لي.
والأستاذ محمد البزم، الشاعر الفحل الذي كان يُعَدّ يومئذٍ أحد شعراء دمشق الأربعة، وهم: خير الدين الزركلي، الذي صار