للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لغته أعلى من أن تصل إليها أفهام التلاميذ، وكنت قد استأذنته في أن أسهّل عبارته وأن أكتب قصصه بأسلوب أقرب إليهم وأسهل عليهم، فأذن لي، ثم توفّاه الله وضعُفَت هِمّتي عن العمل. فلو أن أحد الأدباء الذين يُحسِنون الكتابة للتلاميذ يستأذنون ورثة الأستاذ التنوخي ويُعيدون كتابته بأسلوب سهل قريب، ليقدّموا بذلك للتلاميذ أكبر هدية فكرية.

* * *

وممّا كنت أصنع في محكمة دمشق (وأسأل الله أن يغفر لي الخطأ في عملي إن كنت أخطأت، لسلامة نيّتي وحسن مقصدي): كنت إذا جاءتني امرأة تدّعي الزوجية وكنت أعلم أنها تقيم مع المدّعى عليه على غير زواج تساهلت مع الشهود ولم أناقشهم على عادتي في مناقشة أمثالهم، وأثبتّ زوجيتها.

وكنّا نُثبت الزواج بالتصادق بين الرجل والمرأة، فإذا جاء رجل وقال إن هذه المرأة هي زوجتي، وصادقَته على ذلك، أثبتنا الزوجية بينهما على المذهب الحنفي.

وكنت أتساهل بذلك وأشجّع عليه ليعلم كلّ مَن يجرؤ على مساكنة امرأة بالحرام أنها سترتبط به برباط لا يستطيع فكّه، لذلك كنّا نُثبت الزوجية بالشهادة على أن الرجل والمرأة كانا يسكنان معاً في دار واحدة وكان يدخل عليها كما يدخل الرجل على زوجته ويخرج من عندها كما يخرج الرجل من عند زوجته. ولم نكن نخالف الشرع في ذلك، لأن الشهادة في الأصل لا تكون إلاّ عن عيان وعن حِسّ، فلا يجوز للمرء أن يشهد على شيء ممّا يرى

<<  <  ج: ص:  >  >>