أو يسمع إلاّ إذا رآه بعينه أو سمعه بأُذنه، إلاّ الشهادة على الزواج وعلى الوقف وعلى مسائل عدّها الفقهاء، فيجوز أن يُشهد بها على التسامع.
أنا أشهد وأنتم تشهدون أن فاطمة بنت رسول الله عليه الصلاة والسلام وعلى آله كانت زوجة لعليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وما حضرنا عقدهما ولا سمعنا الإيجاب والقبول، فالشهادة على الزواج بالتسامُع شهادة شرعية مسموعة. لم آتِ في ذلك بشيء جديد، ولكن تساهلي في إثبات هذا الزواج وترك حقّي في مناقشة الشهود كنت أريد به أن أردع الفُسّاق عن أن يساكن رجل امرأة لا تحلّ له بغير عقد شرعي.
لمّا انتشر هذا بين الناس في السنوات التي بقيت فيها قاضياً في دمشق أقلع كثير منهم عن هذا الأمر القبيح، وصاروا يخافون أن يشهد على أحدهم مَن يراه وهو داخل على المرأة وخارج من عندها، فتثبت بذلك زوجيته لها.
ومن طريف الحوادث أنها جاءتني مرّة وأنا في مجلس الحكم امرأة معها أولاد، تدّعي أنها زوجة للرجل الواقف موقف المدّعى عليه وأن هؤلاء أولاده، وهو يُنكِر ذلك. فكلفتها البيّنة فلم يكن معها أوراق تثبت الزواج ولا شهود يشهدون لها، وطلبت تحليفه اليمين، وكان الرجل -كما يبدو- قليل الدين، فحلف اليمين. فلما هممت بإعلان الحكم برفض دعواها بكت، فبكى الأولاد معها وصاح صغيرهم:"هيك يا بابا بتعمل مع ماما؟ "، وقال الأولاد الآخرون:"يابابا ليش ماما بتبكي؟ " ...