للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أسلوباً يكاد يكون جديداً، عُرف بي وعُرفت به، وما كان في أساتذتي الذين قرأت عليهم ولا في الأدباء الذين قرأت لهم وأفدت منهم مَن له مثله حتى أقلّده فيه وأتّبع أثره، وإن كان فيهم من هو أبلغ مني وأعلى درجة في سُلّم البيان. كما أن صديقي ورفيق طريقي أنور العطار رحمه الله كان له في الشعر أسلوب تفرّد به، قلده فيه كثير وما قلّد هو فيه أحداً.

فمن أين جئت بهذا الأسلوب؟ أعترف أنه ليس عندي جواب حاسم على هذا السؤال، فأنا لا أعرف مِمّن أخذته ولا عمّن نقلته. إن أساتذتي الذين قرأت عليهم ليس فيهم مَن ترك أثراً أدبياً يحشره في زُمرة الكتاب، حتى العلماء منهم الذين أخذت جلّ علمي بالعربية وفنونها عنهم، كالجندي والمبارك؛ فالمبارك (رحمه الله ورحم الجندي) ما كان كاتباً قط، لا ادّعى هو ذلك ولا ادّعاه له ولد ولا تلميذ، على أنه كان إماماً في اللغة صدراً بين الرواة، والجندي ليس دونه في اللغة والإحاطة بها وهو فوقه في الأدب، لم يكتب إلاّ كتابة علمية بعيدة عن الأدب المحض. فكان كلاهما عالِماً بالأدب ولم يكن أديباً، حتى إن الجندي -على سنّة كبار علماء الأزهر وأمثالهم من علماء الأقطار العربية- يقرّرون القواعد ويقوّمون المعوَجّ ويعرفون وجه الصواب، فإذا كتبوا جانبوه. ولمّا أراد مدير الأوقاف العامّ جميل بك الدهان (وكان بمثابة الوزير لأن الأوقاف لم تكن قد صارت وزارة) لما أراد أن يُصدِر مجلّة جمع لها أدباء الشام جميعاً وجعل رياسة تحريرها لأستاذنا سليم الجندي. وكنت أنا محرّراً عنده، وجدته كتب مرة في افتتاحية المجلّة كلمة «مواضيع»، مع أنه لمّا ردّ على اليازجي في كتابه

<<  <  ج: ص:  >  >>