«لغة الجرائد» وألّف في ذلك كتاباً سَمّاه «إصلاح الفاسد من لغة الجرائد» كتب فيه فصلاً طويلاً في منع جمع موضوع على مواضيع وبيّن أن الصواب فيها «موضوعات»، فلما جاء يكتب نسي ذلك. فعلّقت على مقالته بهذه الجملة:"قوله مواضيع خطأ صوابه موضوعات، كما قرّر ذلك أستاذنا سليم الجندي في كتابه إصلاح الفاسد" ... فكانت نكتة.
* * *
فمن أين قبست هذا الأسلوب الذي أكتب به؟ لم آتِ به ثمرة بلا شجرة، فما تكون الثمار إلاّ من الأشجار، ولا أوجدت شيئاً من غير شيء، فما كان موجودٌ من معدوم إلاّ إن قال له الله كُن فيكون. وما منّا إلاّ مَن تأثّر بغيره وأثّر في غيره، والدنيا أخذ وعطاء، وما مثالنا إلاّ كتاجر فتح دُكّانه على طريق القوافل يوم كانت التجارة مقايضة ومبادلة ولم تكن وُجدت نقود: يمرّ به المسافرون دائماً، وكلّما مرّ به أحد أخذ منه سلعة وأعطاه بدلها سلعة أخرى، ولبث على ذلك أكثر من خمسين سنة فاجتمعَت عنده مئات من الأشياء من كل صنف وكلّ لون، فهل ترونه يعرف كلّ شيء منها مِمّن أخذه ومتى أخذه وما الذي أعطاه بدلاً منه؟ هذا مثالي ومثال من كانت حاله كحالي؛ ما قرأت كتاباً، ولا جالست عالِماً ولا أديباً، ولا سمعت خبراً، ولا رأيت سروراً ولا كدراً، ولا نزلت بلداً ولا قابلت أحداً، إلاّ ترك في نفسي أثراً.
فهل أقدر أن أُحصي كم قرأت من الصحف، وكم لقيت من الناس، وكم رأيت من المسرّات والأحزان، وكم قصدت من الأقاليم والبلدان؟ كان لكل ذلك أثر في تفكيري، وفي مشاعري،