وإن لأسلوب كل كاتب سمات عامّة نستدلّ عليه بها؛ فبين سطورها وفي تضاعيف جُمَلها وكلماتها، وطريقة صفّها ورصفها، وطول جُمَلها أو قصرها، وسهولتها أو وعورتها، وقُربها من الحقيقة أو ضربها في طرق المجاز ... في كل ذلك إمضاؤه واسمه، إن لم يكتبه في ذيل المقالة صريحاً كتبه هنا تلميحاً وتلويحاً.
ومن الأساليب ما يكون كالفتاة الشابة تبدو للنساء بوجهها الذي وهبه الله لها، تخرج به كما هو بحسن البداوة الذي وصفه المتنبّي. والتي تُجمّله أو تُبدّله بالأصباغ، فتُورِّد خدّيها المُصْفَرَّين، وتتّخذ لها رموشاً ليست لها، وتستبدل التكحّل بالكحل الذي حُرمت منه، وتغطّي شعرها المجعّد بشعر مصنوع سبط.
وكم بين كاعب غضّة الإهاب ليّنة الأعطاف تتفجّر شباباً وصحّة وجمالاً، وبين نَصَف:
وإن أتوكَ وقالوا إنّها نَصَفٌ ... فإنّ أطيبَ نصفيها الذي ذهبا
نَصَف غطّت ما فعلت بها السنون بالأصباغ والدهون، وطمسَت ما عراها من بوادر الدمار بما حوى دُكّان العطار: وهل يُصلِح العطّارُ ما أفسدَ الدهرُ؟
لا، ولا يصلحه المزيّن ولا الحلاّق. هل تعدل بسيارتك الجديدة التي خرجت الآن من الوكالة سيارة أكل عليها الدهر وأكل منها، وإن أدخلتها المرأب ونجّدتَ فرشها وصبغت سطحها؟