للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالوحل وكيف عدوا على الحرّيات بعدما ادّعوا أنهم ثاروا دفاعاً عنها، وكيف فقدوا بطولة الحروب فاستعاضوا عنها بقَطْع الطريق وسرقة المارّين، وبالعدوان على النساء والأطفال بعدما زعموا أنهم صاروا تحت علم نابليون يوماً أبطال أوربّا. ولا تُقرِئوهم روائع الأدب الفرنسي التي تتغنّى بالعظمة والسموّ والشرف، لأنكم لم تعودوا خليقين بهذا الأدب ولا أهلاً لهذا التاريخ.

تتشدقون بذكر حقوق الإنسان وتعبثون بحقوق الإنسان، وتهتفون بحقّ الشعوب وتعْدُون على حقوق الشعوب، وتدرّسون في كلّيات الحقوق في بلادكم قواعد الحرب وتكفرون بأفعالكم بقواعد الحرب!

أفلا تستحون؟ استحوا من الله. استحوا من التاريخ. استحوا من علمائكم وأساتذتكم وأدبائكم. استحوا فما هذه حرب، هذا عدوان على بلد ما لكم فيه حقّ من الحقوق: لا الأرض أرضكم ولا الأهل أهلكم ولا اللسان لسانكم ولا الدين دينكم. هذه سرقة، هذه جريمة، هذه قرصنة، هذه وحشية.

وما هذه كلمات سبّ وشتم بل تقرير للواقع. إن الذي يقول للذئب أنت ذئب لا يسبّه ولكنه يُسمّيه باسمه، وكل هذه الكلمات لا تفي بالتعبير عمّا صنعَت فرنسا في الجزائر، ولو صنع عُشرَه شعبٌ آخر لفرنسا لقال عنه كتّاب فرنسا أضعاف ما قلت أنا الآن. إنها جريمة ولكنها جريمة ليس لها قُضاة، وليس للمظلوم فيها محامون.

(إلى أن قلت): وما ضرّت فرنسا الجزائرَ باختطافها الزعماء

<<  <  ج: ص:  >  >>