داراً واحدة يسافر من شاء إلى حيث شاء. أما الآن فيا أسفي! لقد فرقت السياسةُ الأسرةَ الواحدة، فأنا سوري، وبنتي أردنية، وبناتي الأخريات سعوديات!
ولقد سافرت نصف ساعة في القطار من آخن (إكس لاشابيل)(١) في ألمانيا إلى لييج في بلجيكا فتغيّر عليّ كل شيء: اللغة ومناظر البلد ووضع الشوارع وقواعد السير، لقد شعرت أني انتقلت من بلد إلى بلد. وأسافر من الرياض إلى بغداد، أو إلى الكويت، أو إلى عمّان، أو إلى دمشق، أو إلى مصر، فلا أكاد أشعر بتغيّر حقيقي، إلاّ التغير الذي يشعر به من يسافر من مدينة إلى مدينة في الدولة الواحدة.
* * *
قالوا إنه ولد في طنطا (من أعمال مصر القاهرة)، ونشأ يتيماً في حِجر أخيه الأكبر (وكان اسمه علياً). فمَن أبوه؟ وما عمله؟ وما خبره؟ الله أعلم.
أما عليّ هذا، عليّ بن مصطفى الذي سُمّيتُ باسمه وسُمّي أبي باسم أبيه، والذي هو أبو جدّي، فلا أعرف عنه إلاّ أطراف أخبار لم أستقصِها ولم أتحقّقها. منها أنه كان (والله أعلم) في جيش إبراهيم باشا، وأنه لمّا سكن دمشق فتح دكاناً في خان الجمرك؛ وهو سوق مسقوف قريب من الأموي على شكل زاوية قائمة في وسطه مخزن واسع، لمّا أراد أبو خليل القبّاني أن يقيم مسرحه (وكان أول مسرح في الشام) جعله في هذا المخزن، فلما