أبى أهل دمشق أن يُفتَح فيها هذا الباب للفساد واضطرّوه إلى إغلاقه رحل إلى مصر عام ١٨٨٤، وفيها راجت سوقه وعلا نجمه واشتهر اسمه. وكان يقتبس الرواية أو يؤلّفها، ويلحّنها ويمثّلها، فكان مؤلّفاً وملحّناً وممثّلاً.
كان في خان الجمرك سوق القماش، وكان يرتاده النساء، لذلك كانوا يدعونه أحياناً «سوق النسوان». فكان جدنا هذا (الذي لا أعرفه) إذا جاءته امرأة فكشفت وجهها لترى القماش أو مدّت يدها لتلمسه زجرها وأمرها بالستر، فتركه النساء، فاضطُرّ إلى ترك الدكان وعاد إلى مصر.
ويظهر أنه كان فقيراً لأن أخاه (الشيخ محمد الذي أتكلم عنه) كان يعيش في الجامع الأحمدي في طنطا على خبز الجراية ومرق المخلَّل، لا يجد غيرهما. وقد "حفظ هنالك القرآن وحصّل بعض العلوم النقلية والعقلية، ثم سافر إلى حلب"(١).
(١) في هذه الفقرة لبس يؤدي إلى اضطراب المعنى؛ فالذي ينصرف الحديث إليه في أولها (الذي كان فقيراً) هو الشيخ علي الذي قدم دمشق مع جيش إبراهيم باشا وفتح دكاناً في خان الجمرك ثم تركه وعاد إلى مصر، أما الذي "حفظ هنالك القرآن" فهو الشيخ محمد الذي بدأت المقالة بالحديث عنه (الذي وصل إلى دمشق سنة ١٢٥٥)، والإشارة في قوله "حفظ هنالك القرآن" تعود إلى طنطا التي وُلد فيها، وهذه هي ترجمته التي أُخذت منها النصوص التي وضعها جدي بين أقواس: "محمد بن مصطفى الطنطاوي مولداً الدمشقي موطناً الشافعي مذهباً، ولد سنة إحدى وأربعين ومئتين وألف في بلدة طنطا من أعمال مصر القاهرة، ونشأ يتيماً في حِجر أخيه الأكبر، وحفظ القرآن المجيد وحصل بعض العلوم العقلية والنقلية في =