القاضي الفرنسي الذي جئتم به إلى المحكمة المختلطة لأن قُضاتنا (بادعائكم) لا يُطمأنّ إلى علمهم ونزاهتهم، هذا القاضي الفرنسي (المسيو سيرو) وُجد في داره رشّاش كان يقتل به الناس، وهو الذي جيء به قاضياً ليحاكم القتلة والمجرمين!
إن بطريارك موسكو وكلّ روسيا كان في فندق الشرق (أوريان بالاس) يوم الحادث، يوم عصفت هذه العاصفة برأس قائدك المجنون أوليفا روجيه، فنسي هذا القائد كلّ ما يعتزّ به البشر من فضائلهم ... لبث البطريارك في الملجأ المظلم تحت الأرض ليلة كاملة قال لمّا انقضت:"لقد كنت في ستالينغراد يوم ضربها الألمان، فما رأيت أشدّ ممّا رأيت الليلة"! ولمّا قدمَت دمشقَ زوجةُ رئيس الجامعة الأمريكية في بيروت السيدة دودج ورأت آثار العدوان قالت: لقد قُتل ابني الوحيد في فرنسا فكان يصبّر نفسي عنه أنه مات في سبيل الحقّ والإنسانية، أما الآن فواطول حزني وكمدي؛ لقد أيقنت أن ابني مات في سبيل لا شيء!
يا جنرال، لمّا ذهبت أزور القلعة بعد الحادث بأيام لم أستطع أن أدنو منها من رائحة الموت. صدّقني فإنني أشهد شهادة حقّ لا أكتب قصّة من الخيال، تفوح هذه الرائحة من آلاف الجثث، جثث الأبرياء التي كانت بالأمس رجالاً كراماً كانوا ملء الدنيا حياة ونشاطاً وكانوا ذخر عائلاتهم وبلادهم، فصاروا ... صاروا أكواماً من اللحم العفن الذي يؤذي العين والأنف.
لم ينجُ من شرّ جيشك لا الأحياء ولا الأموات. لقد أبصرت في تربة الدحداح قبوراً قد نبشَتها القنابل وقذفَت رِمَمها، أفَئن