للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السرايا (قصر الحكومة) لاستطلاع الأخبار. وجدنا نائب رئيس الوزراء جالساً في بهو الرياسة وحوله بعض النوّاب والموظفين، وبدأ السيد جميل مردم يُدلي بآخر ما لديه من الأخبار والنوّاب يناقشونه فيما يجب عمله. وفي الساعة السادسة تماماً سمعنا أصوات طلقات نارية، وخرجنا إلى الشرفة لمعرفة المصدر، واشتدّ أزيز الرصاص بشكل مزعج فعدنا إلى البهو لنتّقي الرصاصات الطائشة، وعبثاً ذهبَت محاولات نائب الرئيس (وكان الرئيس فارس الخوري) للاتصال هاتفياً بمواقع الشرطة والدرَك، إذ كانت الخطوط الهاتفية مقطوعة.

وبعد مدّة جاءنا مَن يُخبرنا بأن الجنود الإفرنسيين المرابطين أمام مركز رياسة أركان الجيش الإفرنسي طلبوا من حرس المجلس النيابي (والأركان كان مقابلاً للمجلس النيابي) أن يصطفّوا لتحيّة العلَم الفرنسي في موعد إنزاله، فما كان منهم تجاه رفض الحرس هذا الطلب إلاّ أن بدؤوا بإطلاق الرصاص عليهم، فقابلهم الحرس بالمثل. ولكنهم ما لبثوا أن هجموا على المجلس ودخلوه عنوة، وقتلوا جميع أفراد الحرس ذبحاً واستولوا على بناية المجلس، وبعده بدأ إطلاق الرصاص على السرايا من الجهة الخلفية. وعلمنا أن مصدره هو الجنود الإفرنسيون المرابطون إلى جانب بناية الهاتف الآليّ، واخترقَت هذه الرصاصات نوافذ السرايا وصارت تتساقط في الممرّ.

وكان الليل قد أرخى سدوله، وانقطع التيّار الكهربائي فبتنا في الظلام الدامس، ولجأ كلّ خمسة أو ستّة من النوّاب والوزراء إلى غرفة مستندين إلى جدار بعيد من الرصاص الداخل من

<<  <  ج: ص:  >  >>