أمّا مدرسة دوحة الأدب فهي ثانوية أهلية أنشأها بعض من يدعوهم الناس بالزعيمات النسائيات، اللواتي يُغلِقن عيناً وينظرن بالأخرى وحدها (كما يفعل الصيّاد قبل أن يضغط على الزناد). ينظرن إلى الغرب وعاداته بعين الرضا ويُغمِضن العين عن عيوبه وعن مفاسده، كما يُغمِضنها فلا يبصرن بها جَمال ما في الشرق المسلم من فضائل ومكرمات.
استدعت هذه المدرسة من دمشق أكابر مترَفيها ففسقوا فيها. أوَليس من الفسوق في نظر الشرع أن يُرسِل أبٌ ابنتَه البالغة متكشّفةً مُبدِية زينتها إلى حيث تختلط برجال أجانب عنها ليسوا بمحارمها؟ ولو كانوا أساتذة لها، وإن لم يكن بينها وبين واحد منهم حبّ ولا غرام ولا اتصال بالحرام؟
وأمّا حلب فقد كانت مثابة الفنّ العربي فيها أساطينه ودهاقينه، وكان ممّا تفرّدَت به فرع من هذا الفنّ عنوانه «اسقِ العِطاش» مشهور معروف، مختلَف في أصله؛ فقائل إنه قديم منسوب للشيخ أبي الوفاء المصري الصوفي وإن الشيخ عبد الغني النابلسي عارضه. وهو فقيه دمشقي عالم متمكّن، لكنه من القائلين بوحدة الوجود على مذهب ابن عربي. وهي مقالة مقتبَسة عن الأفلاطونية الحديثة منافية للتوحيد الذي جاء به محمد والرسل من قبله عليهم صلوات الله وسلامه.
والكلام الآن على النغمة والمقام لا على صحّة أو بطلان الكلام. ولعلّ أصله نوع من الاستسقاء كانوا ينشدونه عندما ينقطع