للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيث السماء، أكثره تضرع ودعاء، من مثل قولهم:

يا ذا الْعَطا، يا ذا الْوَفا ... يا ذا الرّضا، يا ذا السَّخا

اسقِ العِطاشَ تكرُّما ... فالعقلُ طاشَ منَ الظَّما

وكان هؤلاء المشايخ إذا أنشدوا الموشّحات وما يماثلها وقفوا وعبّروا بدقات أقدامهم على الإيقاع الموسيقي وبأيديهم عن حركات النغمة على أسلوب يعرفونه. ولا شكّ أنه بدعة سيّئة، وأسوأ منه وأقبح وأولى بالإنكار ما يُسمّى عندهم بالذكر، وما هو من الذكر، لكنه في لغة العرب وفي اصطلاح العلماء يُدعَى الرقص. ونقل ابن عابدين في الجزء الثالث من حاشيته (وهي عمدة المفتين في المذهب الحنفي) عن المنظومة الوهبانية هذا البيت:

ومَن يستحِلّ الرقصَ قالوا بكُفرِهِ

ولا سيّما بالدّفِّ يلهو ويزمِرُ

وأمّا فخري البارودي فهو أبرز الزعماء الوطنيين الشعبيين في دمشق، غنيّ واسع الغِنى كريم شديد الكرم، خفيف الروح ساحر الحديث حاضر النكتة، لكنه -والله أعلم بحاله- رقيق الدّين. يخطب خُطَباً يخلط فيها الفصحى بالعامّية، تؤثّر في الناس تُضحِكهم كثيراً وتبكيهم أحياناً، يخاطب العامّة باللسان الذي تفهمه العامّة، ولا تنكر ما يقوله الخاصّة. ولقد سبق الكلام عنه في هذه الذكريات.

ولي معه مواقف طريفة، منها أنه لمّا نجح في الانتخابات في سنة من السنين، وكان الحشد الكبير في داره الكبيرة في

<<  <  ج: ص:  >  >>