للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان هذا البسيط من صنع ابن الشاطر، وهو فلكي رياضي كان رئيسَ المؤذّنين في الجامع الأموي وله مؤلفات في الفلك معروفة ومشهورة، وكان مولده في سنة ٧٠٤هـ في دمشق وتُوُفّي فيها سنة ٧٧٧هـ. وبقي هذا البسيط صالحاً إلى سنة ١٢٩٢هـ، فطرأ عليه خلل فكلّفوا جدنا بإصلاحه فانكسر في يده، فشنّع عليه ناس من أهل الشام وهجاه الشيخ عبد السلام الشطي رحمه الله بقصيدة مطلعها: «كسَرَ البسيطَ برأيِهِ المعكوسِ».

وكان الأمير عبد القادر يتصرّف كأنه حاكم، فأمر به فأقيم عليه حدّ القذف (أو ما يشبه هذا، فما أروي إلاّ ما سمعتُه)، ولا أتّهم في هذا بريئاً ولا أدافع عن معتدٍ، وقد ذهب الجميع إلى لقاء ربهم، والأمير معروفٌ جهاده ومعلومةٌ مناقبه، والشيخ عبد السلام عالِم من أسرة علم، فغفر الله لمن أساء وعوّض مَن أُسيء إليه.

وقد صنع جدنا بسيطاً آخر أجود من الأول، حسبه على الأفق الحقيقي وزاد فيه قوسَ الباقي للفجر، ووُضع في مكانه في يوم مشهود. وقد نظم الشيخ الخاني قصيدة عارض فيها قصيدة الشطي مطلعها:

صنَعَ البسيطَ بغايةِ التأسيسِ ... شيخُ الشآمِ رئيسُ كلِّ رئيسِ

وأرّخ لذلك على طريقة حساب الجُمّل، في آخر بيت فيها، فقال:

ما قالَ أهلُ الشامِ في تاريخِهِ ... تمَّ البسيطُ بنفحةِ القُدّوسِ

أي سنة ١٢٩٣. ثم صَنع بسيطاً آخر لجامع الدقّاق الذي يؤم

<<  <  ج: ص:  >  >>