وعندي شيء أُحِبّ أن أشير إليه هنا إشارة، وإذا كتبت في «المسلمون» الجديدة التي تصدر إن شاء الله بعد أيام فصّلت القول فيه تفصيلاً. شيء كنت أهمس به همساً في آذان إخواني الأدنَين، ثم تكلّمت به في المجالس، ثم عرضت إليه في خُطَبي ومحاضراتي، وأنا أجهر به اليوم لعلّ الله يحقّقه إن كان فيه نفع للمسلمين: هو أننا لا ينقصنا في الدعاة فكر ولا علم ولا لسان، ولكن الذي ينقصنا خطة واحدة نسير كلنا عليها وطريق واضح نمشي كلنا فيه، نعرف من أين نبدأ وإلى أين ننتهي فلا نشتغل بالأمور المختلَف عليها قبل المتفَق عليها، ولا يضع أحدٌ دعوتَه أو حزبيته أو قانون جماعته التي ينتسب إليها، ولا صوفيتَه مثلاً ولا مذهبَه أساساً للدعوة الإسلامية، يصبغها بذلك حتى تصير معرض ألوان. ولا يبدأ بالفروع قبل الأصول، ولا يفرض ما يراه في المسائل الاجتهادية على من يرى غير رأيه.
ولست أقلّد اليهود، ولكن علينا أن نُعِدّ للعدوّ ما استطعنا من قوّة. ومن أقوى القوّة خُطَط العمل. فإذا كانوا قد وضعوا مخططات حكماء صهيون ورسموا فيها طريقهم إلى عشرين أو ثلاثين أو أربعين سنة، يهتدون فيها بعقولهم الفاسدة ووحي شيطانهم، فلماذا لا نضع خُطَط «حكماء حراء» مثلاً، نرسمها للسنين المُقبِلات، نستهدي فيها بهدي القرآن ونسير على ضوء وحي الرحمن؟