بعد قضاء المناسك وأداء الفروض والواجبات لو كنّا نحجّ حجاً كاملاً. وما يكون في مِنى لا يكون مثله في عشرات من هذه المؤتمرات.
* * *
وسترون أننا جمعنا في هذه الرحلة لفلسطين أموالاً طائلة ما تسلّمْنا بأيدينا قرشاً واحداً منها، بل دللنا المتبرعين على مَن سَمّوه الأمين العامّ للمؤتمر، وهو الأستاذ سعيد رمضان (المصري لا البوطي) فأرسلوه إليه. وما تسلّمتُ من المال إلاّ بمقدار ما أدفع منه أجور السفر والفنادق والنفقات التي لا بُدّ منها ولا غِنى عنها، فلما عُدت قدّمت إليهم حساباً عنها كلها مربوطاً به وثائقها.
ولكن ما أرسل الأستاذ سعيد رمضان حساباً ولم أعرف كيف أنفق المال ولا أين ذهب. فلما كانت الدورة الثانية للمؤتمر في دمشق أصررت على أن يُطلع المؤتمرين على حسابها، وقلت إنني لا أتهمه ولا يحقّ لي أن أتهم أحداً، ولكن أطالب بما يطلبه الدين وتطلبه الأمانة وما هو الحقّ. فلما لم يستجيبوا لي قاطعت المؤتمر فلم أحضره. وقد بلغني أن واحداً من الأساتذة المعروفين من الإخوان المسلمين من حلب قام فيهم خطيباً، فنال منهم موافقة على بياض على حساب لم يقدَّم ولم يطّلع عليه أحد.
أعفوَه من تقديم الحساب، ولكن بقي الحساب الأكبر يوم العرض على الله؛ هنالك ينكشف الغطاء، فمَن أكل قرشاً من مال الله أو وضعه في غير موضعه، أو ستر على هذا الأكل وإن لم يشاركه الأكل، كان شريكه في الإثم ... هنالك ينال كلٌّ ما يستحقّ.