للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو عصام العطار (١). وسأكتب يوماً إن شاء الله عنه وعن إخوانه وأقرانه، مِمّن هم أبنائي في السنّ وخُلَصائي وأصدقائي في الحياة، أكتب عن كلّ منهم، تاريخه معي أو تاريخي معه.

أسفت بعد هذه الحفلة على هذا العلم وهذا النبوغ أن يغفله الناس أو لا يهتمّ به الحُكّام، الذين لا يزِنون البشر بما في رؤوسهم من علم ولا بما في قلوبهم من إيمان ولا بما على ألسنتهم من بيان، بل بما في أيديهم من شهادات قد تكون مزوّرات. فسعيت إلى إرساله إلى مصر ليأتي منها بشهادة، ولكن الإخوان هناك لمّا رأوا فيه هذه المزايا قدّموه إلى المنابر وصدّروه في اجتماعات الأسَر، وقعد بين يديه يأخذ عنه ويستفيد منه مَن كان المفروض أن يكونوا أساتذته في الجامعة فيتلقّى هو عنهم ويأخذ الشهادة منهم.

ومن طرائف أخبار الشهادات ومن ظرائفها أنه ذهب إلى مصر في تلك السنة التي أقمتها فيها (سنة ١٩٤٧) اثنان من رفاقنا كل منهما عالِم، بل هو مرجع في العلم الذي انقطع إليه، الشيخ مصطفى الزرقا الفقيه والأستاذ سعيد الأفغاني النحوي، ذهبا ليأخذا شهادة رسمية يحتاجان إليها لأن القانون لا ينصف إلاّ من يحملها، على طريقة الفرنسيين. ولقد كنت أحفظ قديماً أنك إذا قلت للفرنسي: هذا عالِم، قال: ما هي شهاداته؟ والإنكليزي يقول:


(١) وبعد هذه الحفلة بنحو عشر سنين تزوج عصام العطار الابنةَ الثانية لعلي الطنطاوي، كبرى خالاتي بنان، التي قضت شهيدة في ألمانيا عام ١٩٨١، وسيأتي خبرُ موتها المفجع ورثاؤها الموجع في الحلقة ١٦٥ من هذه الذكريات (في الجزء السادس)، رحمها الله (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>