شيخنا الشيخ بهجة البيطار، وفي بغداد. وقد بلغني أن ابنه الآن وزير خارجية الجزائر وأنه على طريقة أبيه في العمل لله وفي السعي للخير والإخلاص فيه.
ومنهم الأستاذ عبد الرحمن خضر، المحامي العراقي الذي أكبرت فيه دينه وإخلاصه وجِدّه في عمله، وبراعته في صناعته (في المحاماة) وحسن خلقه. ورافقته في بغداد إلى بعض المحاكم وسمعت مرافعته، وكنّا يوماً في زيارة رئيس محكمة من المحاكم يبدو عليه أنه كبير السنّ بادي الشيخوخة، فلما جاء يعرّفه بي قال: شنو؟ إنه أستاذي. فعجبت أولاً، ثم لمّا ذكر اسمه أدركت أنه كان حقاً من تلاميذي في الثانوية المركزية سنة ١٩٣٦ وأنه في سِنّ إخوتي الصغار، وقد حسبته لمّا رأيته في عمر أبي!
وإن أنا ذكرت في هذه الحلقات طائفة من الناس قلت إنهم تلاميذي فربّ تلميذ فاق أستاذه. عمل الأستاذ -يا أيها القُرّاء- مثل واد بين جبلَين في وسطه جدول صغير، لا يستطيع السائح أن يصل من جبل إلى جبل حتى يقطع الجدول، وليس على الجدوَل جسر يجتاز الناس من فوقه، فقام عليه من يُجيز المسافرين، ينقلهم من ضفّة إلى ضفّة حتى يصل بأحدهم إلى الجانب الآخر ثم يؤمّ الجبل صُعُداً، فيبلغ منهم ناس عاليه وهو لا يزال في مكانه.
هذا مثال الأستاذ، فإن أنا قلت إن فلاناً وفلاناً كانا من تلاميذي فإنما أعني السبق الزمني التاريخي، ولست أعني أنهم يبقون التلاميذ دائماً وأبقى الأستاذ دائماً.