للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد سعوا لي أن يكون سفري إيفاداً في مهمّة رسمية آخذ عنها تعويضاً. فلم أعُد أنتظر التعويض ولا أرجو أن تكون مهمّة، بل كان هَمّي كله أن أنجو بريشي، لا أكتمكم أنني خفت أن أبيت في سجن المزة!

إن سَلَف الشيشكلي الذي ابتدع بدعة الانقلابات وحقّقها بعد أن وضع مشروعَها في العراق بكر صدقي في انقلابه الجزئي (وقد شهدت الانقلابَين وسأتحدّث عنهما)، إن حسني الزعيم اعتقل رئيس الجمهورية، فهل يمتنع خَلَفه أن يعتقل رجلاً مثلي ليس رئيساً ولا وزيراً؟

هذه هي قصّة لقائنا مع الشيشكلي. وأنا لا أدنو عادة -كما قلت لكم- من أبواب الحُكّام، ولم ألقَ الشيشكلي إلاّ هذه المرات. وقد لقيت عقيدَين من أعوانه، الأوّل هو العقيد إبراهيم الحسيني الذي جاء المملكة في آخر أيامه فاشتغل فيها. وكان ناعماً مؤدّباً رقيق الحاشية مهذّب اللفظ، قابلناه مرة مع جماعة من المشايخ فاحتفل بنا وأصغى إلينا، فلما ودّعناه وخرجنا تلفّتُّ فإذا هو يمشي ورائي من غرفته إلى أوّل الدرَج، فأقسمت عليه فرجع. ونزلنا الدرَج فلما وصلنا إلى الباب الخارجي لدائرة الشرطة تلفّتُّ فوجدت أنه قد نزل معنا يشيّعنا إلى هذا الباب!

والآخر عقيد خشن بذيء اللفظ قليل التهذيب، نسيت بحمد الله اسمه. استدعى مرة جماعة من العلماء والمشايخ فاعتذر منهم ناس كالشيخ حسن حبنكة رحمة الله عليه وآخرون، وذهبت أنا والشيخ أحمد الدقر والأستاذ محمد المبارك ونفر لا أذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>