الآن أسماءهم. قابلناه في المكان الذي قابلنا فيه من قبل العقيد الحسيني، ولكن اختلف الوجه وتبدّل اللسان، فواجهَنا بتهديد ووعيد وكلام شديد، بلفظ بذيء وصل فيه إلى حدّ الكفر. وأنا المعروف عادة بأنني جريء الجَنان ماضي اللسان، شغلَتني هذه المفاجأة فجعلَتني أفكّر في الذي أقول، وإذا بأخينا المبارك كان أسرع مني، فبادر إلى الردّ عليه بلهجة حاسمة قوية وقال له: نحن لا نقبل أن نستمع إلى هذا الكلام ولا أن نُهدَّد هذا التهديد. وكلاماً هذا معناه أكبرته به وأعظمته منه (وأنا أشهد له هذه الشهادة بعدما ذهب إلى رحمة الله، كما شهدتها في حياته رحمه الله).
ومن غرائب الأمر أننا لمّا خرجنا من عنده حدّث بهذه المقابلة أحدُ المشايخ الحاضرين الذين لم يفتحوا فماً ولم يتكلّموا كلمة، فنسب لنفسه الهجوم على العقيد وتفجّرَت حماسته بعدما انتهت المعركة، وانطلق لسانه بعد أن لم يبقَ للكلام مجال، فزعم أنه قال وقال.
وقد اختلفنا مرة: أيّ العقيدين أقوى مراساً وأشدّ بلاء: العقيد الحسيني الناعم المعسول الكلام أم الآخر الخشن البذيء الذي نسيت اسمه؟ فقلت لهم: لا تغرّنكم نعومةُ الفأس ولا تخدعنّكم خشونةُ الحطبة، فإنّ الفأس على نعومتها تقطع أشدّ الحطب على خشونته.