للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشايخ والطلاب ومن عوامّ الناس.

وحقيقة ثالثة أستعجل بتقريرها، هي الشكر الحقّ على الرعاية والعناية التي وجدناها من السفراء العرب في باكستان، فلم يكن يمضي يوم دون أن نزور السيد عبد الحميد الخطيب والسيد الدكتور عبد الوهاب عزام أو الأستاذ الجيلاني أو الأستاذ المرابط، يستقبلوننا ويُكرِموننا ويمهّدون لنا طريق الاجتماع بالرجال المسؤولين ويصحبوننا إليهم. أمّا الدعوات والسهرات وإرسال السيارات إلينا فشيء لا يُحَدّ ولا يبلغ شكره القلم ولا اللسان.

* * *

لم نخرج من المطار حتى جاوزنا منتصف الليل وانتهينا من المعاملات الرسمية والاستقبالات. والإنسان مفطور على حبّ الاستطلاع، لذلك يجد المسافرُ المتعةَ الكبرى في قدومه ليلاً على بلدة جديدة وانتظاره الصباح ليُرفع له الستار عنها؛ يحسّ في ليلته تلك كأنه في حلم طال حتى اتصل بالنهار فكانت الحقيقة هي تَتِمّة الحلم. فكيف إذا كان يقدم على عالَم جديد كشبه القارّة الهندية، التي كانت ولا تزال غاية أمل كل سائح، الهند التي يثوي فيها أكثر من خُمس بني آدم.

لذلك كنت لمّا خرجت من مطار كراتشي في شبه نشوة، شديد الانتباه مفتوح العين، لكن الظلام كان يلفّ دوني كلَّ شيء بستار أسود. وكان بين المطار والمدينة أكثر من خمسة عشر كيلاً، مشيناها في طريق لم نجد على طرفَيه إلاّ تخوم الصحراء. هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>