للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الأديان واللغات ضعف ما في أوربّا كلها وأميركا، قارة الهند، بلد الماضي البعيد الحافل بالأحداث، بلد الحضارات والمجد التالد، بلد العجائب والغرائب ... لقد فتحناها ثلاث مرات: مرة على يد القائد العربي الشابّ محمد بن القاسم، ومرة على يد الملك الأفغاني السلطان محمود الغَزْنَوَي، والثالثة على يد الفاتح المغولي المسلم بابر حفيد تيمورلنك (أي تيمور الأعرج).

دخلها ابن القاسم من موضع كراتشي، ودخل مَن بعده من ممرّ خيبر، بالقرب من بيشاور في الشمال. وقد عرفتم (إن كنتم لا تزالون تذكرون) ما تحدّثت به عن أورانك زيب وما كتبته عنه في كتابي «رجال من التاريخ»، هذا الملك الصالح المصلح التقيّ المجاهد، الذي حكم الهند كلها إلاّ قليلاً، وكان سيدها الأكبر، لا أمر فوق أمره ولا إرادة مع إرادته، إلاّ إرادة الله التي يخضع لها كلّ شيء. في عهد هذا الملك العظيم تبدأ الحكاية:

في عهد هذا الملك سنة ١٦٠٦ للميلاد استأذن عليه سفير الإنكليز، هوكنز. فلما أذن له دخل خاضعاً خاشعاً وانحنى وحيّا وطلب من مكارم الملك وأفضاله الإذن لشركة إنكليزية اسمها «الشركة الشرقية» بأن تفتح مركزاً تجارياً (أي دُكّاناً) في ميناء سورت في مقاطعة كُجُرات. ولم يجد الملك مانعاً من إجابة الطلب فأذن له بافتتاحه.

ولم يدرِ، وأنّى له أن يدري، أنه لم يأذن بفتح دُكّان للتجارة ولكنْ أَذِنَ بفتح الباب للاستعمار وللفساد وللخسارة. وكيف كان يعرف ما عرفناه نحن اليوم من أن الاستعمار في آسيا وإفريقيا

<<  <  ج: ص:  >  >>