للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدينة الأوربّية السافرة المتبرّجة. ففي دهلي القديمة سحر الشرق وروحانيته، وفي دهلي الجديدة (نيودلهي) روعة الغرب وحضارته.

في دهلي أروع آثار الملوك المسلمين وفيها أكبر آثار الحُكّام البريطانيين. وإن أردنا الإنصاف لم نستطع أن نحكم أيّ الأثرَين أعظم: أمّا المسلمون فقد عُنُوا بالجمال أولاً ثم بالضخامة والجلال، وأمّا الإنكليز فأرادوا الضخامة والجلال ثم الروعة والجمال. فمَن أراد الهيكل الضخم والعظمة البادية رآه في آثار الإنكليز، ومن طلب الدقّة والفنّ والجمال وجدها في آثار المسلمين.

والآثار الإسلامية أجلّ وأعظم، لأن الإنكليز بنوا ما بنوا في الأيام التي اتسع فيها العلم وكُشفت فيها خفايا الكون وسخّر الإنسان فيها الآلات من الحديد، وأولئك بنوا بنيانهم حين لم يكن في إنكلترا إلاّ شعب لا يَفضُل في العلم والحضارة الشعوبَ البادية المتدنّية اليوم، وبلغوا به -على ذلك- هذا المبلغ. وحسبهم أن «قبراً» بناه الملك المسلم شاه جيهان لا يزال إلى اليوم أجمل من كل قصر شيد في الشرق والغرب، بل لا يزال بالإجماع أجملَ بناء أقيم على ظهر الأرض كلها، هو «تاج محلّ» الذي يجيء السياح من أقصى أميركا ليقفوا عليه مشدوهين مُكبِرين متعجّبين.

ولئن عرف التاريخ رجالاً مَلَك الحبُّ قلوبَهم، بل منهم من ذهب بعقولهم، وعرف عباقرة من الشعراء العشاق خلّدوا عواطفهم بقصائد بقيَت وستبقى على طول الزمان، فإن حبّ شاه

<<  <  ج: ص:  >  >>