للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جيهان لزوجته ممتاز محل قد خلّده بقصيدة من الرخام كلماتها من المرمر، طوّع له الحجر اليابس حتى لان في يده فكان قصيدة ناطقة، تنافس بجمالها خوالد القصائد في آداب الأمم.

ولقد دخلت (كما سيمرّ بكم) إلى دهلي، ولكنني لم أذهب إلى أغرة ولم أرَ فيها تاج محل. وتجدون -على ذلك- وصفاً له في كتابي «رجال من التاريخ»، أحسب أن من زاره ووقف عليه لم يصفه مثل هذا الوصف. وعفوكم إن سلكت طريق الشعراء فمدحت نفسي بدلاً من أن يمدحني الناس!

دهلي في منبسط من الأرض كلّه خضرة، غابات وبساتين وخمائل، وقد أبصرت لمّا حوّمَت بنا الطيارة فوقها مساكن مختبئة وسط الأيك، وقباباً كثيرة بادية، وسعة وعمراناً. وكان في دهلي لمّا زرناها قبل ثلاثين سنة كاملة (أي سنة ١٩٥٤) مطاران: مطار داخلي للطيّارات القادمة من مدن الهند ومطار دولي لطيارات السياحة العالَمية. وكنّا قادمين من لكنَوْ في داخل الهند فحطّت بنا الطيارة في المطار الداخلي.

وكان أول ما بدا لنا من الآثار الإسلامية مسجدٌ ضخم عليه قِباب شامخة على الطراز المغولي. ثم سرنا في ريف دهلي نقصد المدينة، فلما بلغنا أوائلها رأينا شوارع فِساحاً تظلّلها الأشجار الكبيرة (والعجب أن هذه الأشجار على كبرها مُزهِرة مثل أزهار الروض البهيج) وعلى جانبَيها حدائق وبساتين فيها دارات ومغانٍ (فيلاّت)، بين كل دارة ودارة أكثر من أربعين متراً، فلم تكن بيوتاً لها حدائق بل كانت حدائق فيها بيوت! وهي تُشبِه في هذا جاكرتا.

<<  <  ج: ص:  >  >>