للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حربية ولا درسوا فنون القتال، وغنمنا عتادها كلّه فلم يعُد من الحملة بعد معركة المزرعة إلاّ مئتان وخمسون جندياً فقط. سلوا الغوطة عن معارك الزور وعمّا صنع حسن الخراط؟ سلوا النبك وجبالها وحماة وسهولها، وجنرالات الفرنسيين عن بطولة قُوّادنا الأبطال: سعيد العاص وسلطان الأطرش ومحمد الأشمر وعشرات وعشرات، إن لم أعدّهم اليوم فما يجهلهم أحد.

أما ضرب الفرنسيون أقدم مدن الأرض العامرة بالقنابل مرتين في عشرين سنة؟ أما أحرقوا حيّ الميدان وهو ثلث دمشق ودمّروه، فلم ينهض من كبوته إلى اليوم (أي إلى يوم كتابة المقال)؟ أما أضرموا النار في جرمانة والمنيحة (المليحة) وزبدين وداريا وتلّ مسكين ودير سلمان وقُرى أخرى لا يُحصيها من كثرتها العدّ؟

بل سلوا شوارع دمشق وساحاتها عن إضراباتها ومعاركها ومظاهراتها. أما لبثَت في مطلع سنة ١٩٣٦ خمسين يوماً مُضرِبة لا تجد فيها حانوتاً واحداً مفتوحاً، مقفرة أسواقها كأنها موسكو حين دخلها نابليون؟ فتعطّلَت تجارة التاجر وصناعة الصانع، وعاش هذا الشعب على الخبز، ثم لم يرتفع صوت واحد بشكوى ولم يفكر رجل أو امرأة أو طفل بتذمّر أو ضجر ...

إلى آخر المقال، فالمقال طويل.

* * *

وسيقول بعض القُرّاء لقد تركناك في الهند وباكستان، فما بالك عدت إلى الشام والحديث عن الشام؟

<<  <  ج: ص:  >  >>