فيها المجمع العلمي. فمشى إلينا داؤهم وانتقلت إلينا العدوى منهم، ولكن المرض لا تظهر آثاره من أول يوم، بل الجسم -بما أودع الله فيه من وسائل الدفاع- يصاول المرض ويقاوم الداء. فلما كان يوم الجلاء كانت مدّة تفريخ الجرثومة قد انتهت وأيام الحمل بالمرض قد تمّت، فوُلد هذا المولود الخبيث الذي حدّثتكم حديثه، وجاء من بعده إخوة له وأخوات، وكثروا وازدادوا كما يكثر نسل الشياطين و (الميكروبات)، حتى وصلنا إلى الذي أعرف وتعرفون.
* * *
ولكن تعالوا نحاسب أنفسنا. ألا نحمل شيئاً من وزر هذا الداء؟ ألم نُذهِب قوّتَنا فيما بيننا؟ ألم ننسَ أعداء ديننا من المُلحِدين والمكفّرين (المتسمّين بالمبشّرين) والفاسدين المُفسِدين وأذناب المستعمرين؟ ألم نَدَعْهم كلّهم ونشتغل بمعارك يثيرها تارة ناس من الأعداء يلبسون ثياب الأصدقاء يدخلون بيننا ليفرّقوا جمعنا، ويثيرها ويبعثها تارة أتقياء صالحون، ولكنّ في أبصارهم قِصَراً فلا يرون أبعد من مناخرهم، وفي عقولهم نقصاً فلا يقدّرون عواقب ما يفعلون؟
كم من المجادلات والمناقشات، كم كُتب من الرسائل والمقالات، كم نشأ من الأحقاد والأضغان بسبب صلاة التراويح في الشام مثلاً: هل هي عشرون ركعة أم هي ثمانٍ؟ والصلاة على الرسول بعد الأذان؟ والشيخ الذي كان يُصدِر رسائل «الإصابة» يصيب بها المسلمين وهم يردّون بمثلها وبأشدّ منها عليه وعلى