بلادهم إلى الاستقلال من هذه الطبقة من المشايخ والعلماء: الأمير عبد القادر الجزائري منهم، وعبد الكريم الخطابي، وعمر المختار، والذين أيقظوا النُّوّام في مصر والشام: جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، والذي فتح للناس باب الجهاد في فلسطين عزّ الدين القسّام، وأمثال هؤلاء.
وكنّا كلّما قام فينا حاكم لا نرضاه أو مرّ بنا عهد لا نحبّه، كان أول من يعمل على إزاحة هذا الحاكم وإنهاء هذا العهد هم علماء الدين وخطباء المساجد وشباب الإسلام. نحن نخوض المعركة وغيرنا يأخذ المغانم:
وإذا تكونُ كريهةٌ أُدعى لها ... وإذا يُحاسُ الحَيسُ يُدعى جُندُبُ
ثم كَثُرَت الجنادب حتى لحسَت الحَيس كله، وحازت المآدب جميعها وأكلت ثمار الجهاد، والذين جاهدوا ينظرون بعيونهم من بعيد!
في كلّ يوم يقوى أنصار الباطل ويزيدون ويقلّ دعاة الحقّ ويضعفون، وهذه سنّة الله في الكون: الفساد أكثر انتشاراً من الصلاح؛ حبّة برتقال عَفِنة تُفسِد صندوق البرتقال، ومريضٌ واحد ينقل مرضَه إلى مئات الأصحّاء وهم لا ينقلون إليه صحّتهم.
وابتُلينا بالفرنسيين يوم كانوا يُعَدّون السابقين إلى الانطلاق والفسوق في أوربّا، وكانت باريس مباءة المتع ودار اللذّات يقصدها الناس لهذا من الآفاق. وإن كانت فيها السوربون وكان