والاختلاط بُعَيدَ الجلاء في دمشق، البلد العربي المسلم، فقاموا يدافعون عن الفضيلة المغلوبة ويردّون إليهم الناس، لأن ديار الشام لا تزال متمسّكة بدينها ولا يزال نساؤها بالحجاب الساتر، ومشت الأمور في طريقها وكادت تصل إلى غايتها، ودُعاة الفجور ينظرون ويتحرّكون.
لولا أن دفعت الغيرة على الأخلاق الإسلامية والسلائق العربية -مع الجهل بأحكام الدين والبعد عن استشارة العلماء المخلصين- بعضَ العامّة إلى الدخول على النساء في السينما وإخراجهن منها، وإلى التجوال في البلد ونصح كل متبرّجة ووعظها وزجرها.
وقد أنكر العلماء والعقلاء ذلك عليهم فكفّوا عنه وأقلعوا، ولكن دعاة الفجور لم يُرضِهم أن تنتصر دمشق للفضيلة وأن تَهدم عليهم عملَهم على رفع الحجاب وإباحة الاختلاط، فاستغلّوا عمل هؤلاء العوامّ وأعلنوا إنكاره، وكبّروه وبالغوا في روايته، وذهبوا يقيمون الدنيا ويُبرِقون البرقيّات ويُرعِدون بالخطب. وما أهون الإبراق والإرعاد، وما أسهل إثارة الشبّان الفاسقين على الستر والحجاب باسم «الحُرّية الشخصية» التي تمتّعهم بما وراء حدود الفضيلة من لذائذ محرمة.
أيُخرِجون النساء من السينما؟ أيعرضون بالنصح للمتبرّجات الكاشفات؟ يا للحدث الأكبر، يا للعدوان على الحُرّية الشخصية التي ضمنها الدستور! أليسَت المرأة حُرّة ولو خرجَت عارية؟ أليس الناس أحراراً ولو فسقوا وفجروا؟ أليس كلّ امرئ حُرّاً ولو نقب مكانه في السفينة فأدخل إليها الماء فأغرقها وأهلها؟