للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاختلاط فيها، ألا تستمر هذه العادة إلى السبع والثمان، ثم تصير أمراً عادياً ينشأ عليه الفتى وتشبّ الفتاة، فيكبران وهما عليه؟ وهل تنتقل البنت في يوم معيّن من شهر معيّن، من الطفولة إلى الصِّبا في ساعات معدودات، حتى إذا جاء ذلك اليوم حجبناها عن الشباب؟ أم هي تكبر شعرة شعرة، كعقرب الساعة تراه ثابتاً فإذا عدت إليه بعد ساعتين وجدته قد انتقل من مكانه؟ فهو إذن يمشي وإن لم ترَ مشيه. فإذا عوّدنا الأطفال على هذا الاختلاط فمتى نفصل بينهم؟

ثم سلَّموا التعليم في المدارس الأوّلية لمعلّمات بدلاً من المعلّمين. ونحن لا نقول إن تعليم المرأة أولاداً صغاراً أعمارهم دون العاشرة محرّم في ذاته. لا، ليس محرّماً في ذاته، ولكنه ذريعة إلى الحرام وطريق إلى الوقوع فيه في مقبل الأيام، وسدّ الذرائع من قواعد الإسلام.

والصغير لا يدرك جمال المرأة كما يدركه الكبير ولا يحسّ إن نظر إليها بمثل ما يحسّ به الكبير، ولكنه يختزن هذه الصورة في ذاكرته فيُخرجها من مخزنها ولو بعد عشرين سنة. أنا أذكر نساء عرفتهنّ وأنا ابن ستّ سنين قبل أكثر من سبعين سنة، وأستطيع أن أتصور الآن ملامح وجوههن وتكوين أجسادهن!

ثم إن من تُشرِف على تربيته النساء يلازمه أثر هذه التربية حياتَه كلّها، يظهر في عاطفته وفي سلوكه وفي أدبه إذا كان أديباً. ولا تبعد في ضرب الأمثال، فهاكم الإمام ابن حزم يحدّثكم في كتابه العظيم الذي ألّفه في الحب «طوق الحمامة» حديثاً مستفيضاً في الموضوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>