للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلق الله الرجال والنساء بعضهم من بعض، ولكن ضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قِبَله العذاب. فمَن طلب الرحمة والمودّة واللذّة والسكون والاطمئنان دخل من الباب، والباب هو الزواج. ومن تسوّر الجدار أو نقب السقف أو أراد سرقة متعة ليست له بحقّ، ركبه في الدنيا القلق والمرض وازدراء الناس وتأنيب الضمير، وكان له في الآخرة عذاب السعير.

فما الذي صنعناه؟ إن للأعراض لصوصاً كما أن للأموال لصوصاً، ولصوص المال أخفّ شراً وأقلّ ضراً من لصوص الأعراض. وهم يحومون دائماً حول بناتنا، ولكنهم لا يستطيعون أن يقتحموا علينا بيوتنا إلاّ إذا صار الأمر فوضى، وصار «حاميها حراميها»، وعاد الناس كوحش الغاب.

ففكَّروا وقدَّروا واستوحوا شياطينهم، فوصلوا إلى الرأي: وهو أن يدخلوا علينا من طريق المدارس. فكيف دخلوا من طريق المدارس؟

إن لذلك قصّة طويلة الذيول عريضة الحواشي، أعرفها كلها ولكن لا أستطيع الآن أن أرويها كلها، لذلك أسرد اليوم العناوين وأعود يوماً إلى المضامين.

بدؤوا بإدخال المدرسين من الرجال على البنات بحُجّة فقد المدرّسات القادرات. وكان المدرّسون أولاً من أمثال الشيخ محيي الدين الخاني والأستاذ أديب التقي البغدادي والأستاذ محمد علي السراج، وممّن درّس فيها حيناً شيخنا الشيخ بهجة البيطار وأنا. ثم فُتح الباب للشباب، ومن الشباب قِلّة هم أصلح وأتقى لله من

<<  <  ج: ص:  >  >>